يشهد لبنان حاليًا تفاقمًا في ظاهرة الصيد الجائر وبيع الطيور البرية في متاجر الحيوانات الأليفة، وهي مشكلة تتسبب في تهديد كبير للنظم البيئية في البلاد. في الآونة الأخيرة، أوقفت قوى الأمن الداخلي شخصَين لمخالفتهما قانون الصيد البرّي وبَيع الطيور المهاجرة، وهي خطوة هامة نحو مكافحة هذه الظاهرة الضارة.
تعتبر الطيور البرية، وخاصة الطيور المهاجرة، جزءًا لا يتجزأ من التوازن البيئي. هذه الطيور تُسهم بشكل كبير في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتوازن الأنظمة البيئية. الصيد الجائر والتجارة غير القانونية بهذه الطيور يمكن أن يؤدي إلى انقراض بعض الأنواع، ما يسبب اضطرابات كبيرة في التوازن البيئي ويؤثر سلبًا على البيئة بشكل عام.
تدخلت قوى الأمن الداخلي بشكل فعال بناءً على شكاوى من جمعيات بيئية، حيث تم توقيف شخص في مدينة صيدا يقوم ببيع طيرين من البجع، وآخر في بلدة القرقف كان يعرض طيورًا للبيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي. هذا التدخل السريع من قبل السلطات يعكس التزام لبنان بحماية طيوره البرية وبيئته الطبيعية.
إذا استمرت التجارة غير القانونية في الطيور البرية، فإن العواقب ستكون وخيمة على النظم البيئية في لبنان. الطيور البرية تلعب دورًا حيويًا في مكافحة الآفات الزراعية ونقل البذور والمساهمة في التنوع البيولوجي. فقدان هذه الطيور يعني فقدان هذه الفوائد البيئية الهامة.
لبنان يقع على مسار الهجرة الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وهو ثاني أهم مسار هجرة في العالم. تمر عبره سنويًا مجموعة كبيرة ومتنوعة من الطيور، أو تقضي فصل الشتاء فيه. يتميز لبنان بتنوع واسع في الموائل، مما يجعله المكان المثالي لتكاثر أنواع مختلفة من الطيور. حتى الآن، تم تسجيل 416 نوعًا من الطيور في البلاد، يمكن العثور عليها في الأراضي الرطبة، الأراضي الزراعية، الغابات، المناطق شبه الصحراوية وغيرها من الموائل المتنوعة.
مع الأسف، هناك 46 نوعًا من هذه الطيور مُهددة أو شبه مُهددة بالانقراض، وتتعرّض جميعها للقتل غير القانوني في لبنان.
تلعب الطيور دورًا حيويًا في النظم البيئية والطبيعة بشكل عام، فهي تساهم في مكافحة الآفات الزراعية، مما يقلل الحاجة لاستخدام المبيدات الحشرية. كما تساعد في تلقيح الأزهار والنباتات، مما يعزز التنوع البيولوجي والإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، تساهم الطيور في نشر بذور النباتات وتحسين جودة التربة من خلال تجريفها وحفرها بحثًا عن الغذاء، مما يساهم في تهوية وتجديد التربة.
إلى جانب فوائدها البيئية، تشكل الطيور عامل جذب للسياحة البيئية، مما يدعم الاقتصاد المحلي، كما تساهم في الحفاظ على التوازن البيئي من خلال مشاركتها في الشبكات الغذائية. وتعتبر أيضًا مؤشرات حيوية لصحة البيئة، حيث يمكن استخدامها للكشف عن التغيرات البيئية والتلوث. تُضفي الطيور جمالًا على الطبيعة بألوانها الزاهية وأصواتها العذبة، وتسهم في التوعية البيئية عبر البرامج التعليمية والمشاريع البيئية.
الطيور ليست مجرد كائنات جميلة، بل هي عناصر أساسية في الحفاظ على توازن وصحة البيئة. يجب أن تستمر الجهود في مكافحة الصيد الجائر والتجارة غير القانونية، ويجب على السلطات البيئية تكثيف جهودها لزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على الطيور البرية، وعلى المجتمع التعاون مع السلطات والجمعيات البيئية لضمان حماية الطيور والمحافظة على التوازن البيئي في لبنان.
