لوحة انطباعية من أعمالي. ألوان أكريليك على قماش، قياس العمل (120×90)
عين الضيعة أو نبع المياه في وسط القرية، كان الملتقى العام لجميع أهالي القرية، وخاصة للنسوة اللواتي كانت تقع على عاتقهن هذه المهمة الشاقة، فكنَّ يملأن الجرار بالمياه ويعتمرونها على رؤوسهن بكل سرور، وبالرغم من ثقلها والجهد المضني، فإن شرب المياه من الأواني الفخارية له طعم مختلف. فالماء لديه طاقة عجيبة للجسم والشرب منه، عبر أنابيب مضغوطة أو البلاستيك أو النحاس يفقده الطاقة الحيوية. وبذلك يصل إلى بيوتنا مياه ميته جافة لا حياة فيها.
والمعلوم أن جسم الإنسان يحتوي 70 بالمئة من الماء، هذا المركب الذي يتكوّن من ذرتي هيدروجين مع ذرة أوكسجين، هو أساس الحياة، وهو مهمّ لكل الكائنات الحية من الإنسان إلى الحيوان والنبات، وهو يكون ثلثي كوكب الأرض ويقول سبحانه تعالى (وجعلنا من الماء كل شيء حيّ).
وعليه فإن الحيوانات المنتجة للألبان هي بحاجة للماء أكثر من غيرها، فإذا انخفض مستوى الماء في جسم الحيوان يتأثر جهازه التنفسي.
ولكي تستمر دورة الحياة ويستفيد الإنسان من النبات والحيوان يجب أن يُزَوَّد دائمًا بالماء اللازم.
هذه الثروة البيئية التي خلقها لنا الله هي عصب الحياة واساس الوجود على سطح الارض.
الطيور المحلية التي لا تهاجر خلال الفصول فهي تحلق لمسافات بعيدة في سماء الوطن بحثًا عن المياه في فصل الجفاف. فسبب ارتفاع الحرارة في فصل الصيف يجعل المناطق القاحلة أكثر جفافًا. وتبيّن البحوث الحالية أن دورة المياه أخذت في التغيير، مما يؤدي إلى جفاف أغلبية الينابيع، والطيور، كما غيرها من الكائنات الحية، تستلهلك كميات أكبر من المياه في فصل الصيف، لذا أحرص يا عزيزي القارئ، على توفير مياه الشرب لها عبر وضع كاسات من الماء على شرفة منزلك أو في الأماكن العامة كما يفعلون في الغرب. فالينابيع جفَّت مياهها وعين الضيعة التي كانت ملجأ للطيور وملتقى للعشاق وخلوة الفكر، أصبحت جافّة لم تعد تزورها إلا أوراق الخريف، يؤلمها الحنين لجرار النسوة ومياهه عطشى لسيمفونية الحياة التي كان يغردها عصفور أتى ليروي ظمأه فامتزجت زغرداته مع رذاذ النبع العذبة…