ان تقول «حبارى » يعني انك تشير بصورة غير مباشرة الى عالم الصيد بالصقر، هذا التراث المعروف والمحبب في بلاد الخليج خاصة. فهذا الطائر هو من ابرز الطيور البرية التي ارتبط اسمها بهذا النوع من الصيد من زمن بعيد. وبالنظر للحمها اللذيذ وكبر حجمها كثرصيدها، مما أدى إلى تناقص أعدادها في مناطق وجودها بالبلاد العربية حيث كانت في الماضي تباع في الأسواق بكثرة.
واليوم تحتاج «الحبارى » – التي وجد أول سجل يبين علاقتها بالانسان في كهف تاجو سيجورا في جنوب إسبانيا يعود تاريخه الى الفترة ما بين 4000 – 6000 قبل الميلاد – الى الكثير من الاهتمام والرعاية وتضافر الجهود الدولية للمحافظة عليه، بعد أن أصبحت مهددة بالانقراض في جميع مناطق انتشارها وتواجدها.
مناورة خطرة
تتميز طيور “الحبارى ” برأس كبير مسطح ورقبة ومنقار طويلين وذنب قصير نسبيا،ولها ارجل قوية ذات ثلاثة أصابع أمامية وريش غزير خشن ينفع لملء المساند والفرش، وتعتبر من أشد أنواع الطيور قدرة على الطيران لمسافات بعيدة،ومن اهم مزاياها الغريبة، سلاحها الذي تدافع به عن نفسها، اذ ان لها خزانة بين دبرها وأمعائها تحتفظ فيها دائما بسائل رقيق لزج، فإذا هاجمها الصقر تبدأ بالمناورة صعودا ونزولا، يمينا ويسارا حتى تجد فرصة مناسبة لترميه بهذا السائل الذي يجعل ريش الصقر يلتصق ببعضه البعض ويصبح كالمكتوف المقيد، أو تصيبه بالعمى المؤقت إذا اصابت عينه حتى يتاح لها الهرب. واما اذا اخطأت هدفها، فتكون تلك اللحظة لحظة نهايتها.. وبالرغم من هذه الميزة، فإن العملية التي تقوم بها «الحبارى » لا تخفى على الصقر، الذي يقوم ايضا بمناورة مماثلة على عدة اتجاهات كي تقذف «الحبارى » سائلها اللاصق اللزج الذي يسمى (طمل) ليستطيع تحقيق هدفه. وفي حال نالت «الحبارى » من الصقر يمكن لصاحبه أن يزيل هذه المادة عن جسمه بالغسل الهادئ للريش بالماء والصابون. ومن الطريف ان «الحبارى »، برغم قدرتها على المواجهة لانقاذ حياتها وصفت بالحمق والغفلة فقالوا: (ما في الطيور أشد بلها منها .. لأنها تترك بيضها وتحتضن بيض غيرها).
تعتبر «الحبارى » ثقيلة الجسم ولكنها سريعة الحركة وتمشي على الأرض عادة بخطوات متزنة يمكن ان تصبح عدوا سريعا، وتستطيع الطيران بمهارة عالية، كما وانها تعيش مسالمه مع بنات جنسها ولكنها تقاتل قتالا شرسا اذ ما حركتها الغيرة، كما أنها لا تردد في منازلة أي طير يماثلها حجما وقوة..
انواعها
تتكون عائلة «الحبارى » من 22 نوعا تدخل ضمن ثمانية أجناس، وبصفة عامة فإن هذه لاأنواع تتفرع إلى 47 نوعا فرعيا بينها اختلافات في الحجم ونوع الريش والتوزع الجغرافي الذي تنتشر فيه، ولأفريقيا النصيب الأكبر حيث يوجد 23 نوعا أ شهرها «الحبارى العربية » ولونها شاحب و »الحبارى الآسيوية «ولونها مائل لصفرة الرمل، و “الحبارى الأفريقية ” ولونها مائل للسواد.
تعيش «الحبارى » في البيئة منفردة، أو في مجموعة من 4 إلى 5 أفراد ولكنها تتفرق أزواجا في موسم التفريخ، تتجول في مسافات شاسعة تصل الى 5 كم، ويكون طيرانها ليليا.ً وهي تحب العيش في المناطق المفتوحة الهادئة كثيرة الخضرة والشجيرات، حيث تستطيع الحصول على الغذاء والمخبأ معا.
غذاؤها
تتغذى على الحبوب والبذور والثمار وأوراق الأشجار والخضروات، وما تجده في البيئة المحيطة بها، وتتضمن وجبات الكبار منها الجراد، صرار الليل، براعم النباتات الصغيرة، الفاكهة، لاأزهار، الحيوانات الفقارية الصغيرة. والملاحظ أنها في مناطق تكاثرها تركز على البروتينات كطعام وذلك لبناء الشحم في الجسم للتكاثر، وأيضا قبل الهجرة إلى مناطق الإشتاء وذلك لمساعدتها على قطع المسافات الطويلة بالاعتماد على الشحم المخزن في الجسم.
تكاثرها
تقع فترة تكاثر «الحبارى » في أواخر الخريف، وكان يظن أن معظمها أحادية التزاوج،أي لدى كل طائر رفيق واحد في وقت واحد، و أن العلاقة الدائمة للزوجين بين الذكر ولاأنثى هي التي تضمن للصغار تربية الابوين. غيرأن معظم أ لانواع التي تمت دراستها بتفصيل كاف، بينت أن تعدد الأزواج هو القانون السائد لديها، وأن لاأنثى هي التي تحتضن البيض حتى يفقس وترعى الصغار بمفردها، دون عون الذكر، الذي يعود بعد فترة قصيرة إلى أسرته ويكون عليها حارسا يقظا. وهذا القانون ينطبق على الحباريات الكبيرة، الصغيرة، العربية والاسترالية .ولكن يحتمل ان يكون بعض أنواع جنوب إفريقيا الصغيرة (مثل حبارى فيجورز) أحادية التزاوج . وخلال موسم التكاثر ايضا تحدث بعض أنواع طيور »الحبارى » أصواتا عديدة مثل الحبارى الكوري أو الحبارى الهندي الكبي.
أما أ لانواع الأصغر فهي تستخدم أصواتها بصورة متكررة كما أنها كثيرة الضوضاء. وتقوم ألانواع الأفريقية بعروض هوائية مثل الحبارى السوداء والحبارى ذات العرف . كما ويتميز ذكر «الحبارى » عن الانثى بكبره وبجمال ريشه.
حياة اجتماعية متميزة
الحبارى طائر لا ترتبط ذكوره في الطبيعة مع إناثه سوى في موسم التزاوج ، خصوصا في المناطق شحيحة الغذاء، حيث تعيش الذكور منفردة، ويتخذ كل ذكر لنفسة منطقة نفوذ قد تصل مساحتها الى 60 هكتار ويمنع غيره من الذكور من دخولها،ويتخذ لنفسه مكانا مرتفعا فيها يقف عليه ليمارس فيه استعراضه الجنسي ويرقص «رقصة الغزلي » المعروف ليجتذب به لاإناث اليه للتزاوج، واما الاناث وهي ترى اكثر من ذكر يستعرض امامها فإنها تختار الذكر الذي يناسبها ويروق لها من بينهم وتمكنه من نفسها، حيث يلقحها وتتركه بعدها مباشرة وتتجه الى حيث تعد عشها.
الرقص الغزلي للذكور
يقف الذكر ساكنا تماما لعدة ثوان، ثم يبدأ في رفع الريش الطويل في عنقه ويحركه ببطء الى لاأمام والى الاعلى، ثم يرفع طرفي جناحيه قليلا ويخفض ذيله الى أسفل ويسحب رأسه وعنقه الى الخلف حتى يستقر رأسه بين كتفيه فيبرز صدره الى أ لامام بشكل واضح جدا،ً ويبدأ في رفع ريش الصدر والعنق الى الامام والى أعلى حتى يغطي الريش رأسه تماما.ً ويبقى الذكر ساكنا في هذا الوضع لعدة ثوان، ثم يبدأ بالجري في خط مستقيم او في خط متعرج او في دوائر، طبقا لظروف تضاريس البيئة المحيطة به، ويستمر في الجري لمسافة قصيرة ثم يتوقف ويتكرر الجري لمسافات قصيرة، يتخللها توقف الطائر وهو يرفع رجليه بشكل مغالى فيه. وفي كل مرة يتوقف الطائر عن جريه فجأة ويقوم بأرجحة رأسه وعنقه الى لاأمام والخلف وهو يطلق صيحات مميزة يدعو بها لاأنثى، ثم يستعيد رأسه وعنقه وضعهما الخلفي. ويقوم الذكر بالاستعراض غالبا في الصباح المبكر وقبل الغروب، ويكرر استعراضه مرات ومرات خلال فترة ذروة موسم التزاوج
اعداد اليسار نافع
الصور من الانترنت ( لا مصدر معروف )