لكل صياد بدايته وذكرياته مع الصيد التي تبدأ من “الضيعة” من أحراش صغيرة، وأحلام كبيرة في تحقيق المهارة، من بارودة “الخردقة” التي عادة ما تكون الهديّة الأكثر روعة لطفل قرر أن يكتشف عالم الطبيعة برفقة صياد رمز في نظره، يتعلم منه أبجدية الصيد ليتكلم لغة الصيادين بطلاقة تسديدة.
من هنا “الذكريات”، من بيت جده في بيت الشعار اللبنانية في المتن الشمالي، من “الخردقة” الى بندقية ” 9 ملم ” الى بارودة ” الدك” التي حملها سراً عن أهله لأنها كانت البندقية الأخطر في نظرهم، بدأ فادي عبود رحلة الصيد برفقة عمه وإبن خاله منذ عمر 8 سنوات .. ومضى حاملا في روحه عشق الصيد الذي يعتبره فلسفة حياة ونهج، أولى اساسياته الأخلاق وحب واحترام الطبيعة .
حوار رئيس التحرير ادونيس الخطيب
ماذا تذكر في تلك الفترة عن مشاوير صيدك ؟
أذكر انني كنت أصحو نهار السبت في الخامسة صباحا وأصطاد حتى التاسعة، وكنت أجلب من 50 الى 100 عصفور في النهار، لقد كان الطير وفيراً في تلك الأيام والأحراش واسعة.
عن أي سنوات نتكلم .. وهل كان الصيد منظماً في ذلك الوقت ؟
نتكلم عن أواخر الستينات .. نعم كان الصيد منظماً، وكانت رخصة الصيد موجودة ومعمول بها، وكانت دوريات وزارة الزارعة تجول وتحاسب الصيادين على المخالفات.
هل صدف أن قمت بصيد جائر وتراجعت عنه ؟
قمت بالصيد بطريقة المطاردة للبط والوز في سوريا عدة مرات، ولكنني تراجعت عنها، لأنني وجدت فيها عملية جنون وقتل، ولم ترقَ لمزاجي بالصيد، لأن لا فرصة فيها لنجاة الطير ولا متعة للتحدي والمهارة، فالتفوق الكلي على الطرائد لا علاقة له بروح الصيد.
قال في المقابلة :
-
ما نراه من صيد في لبنان لا يمت الى روح الصيد بصلة إنما هو حملات تلذذ بالقتل.
-
لم أعد أستطيع اصطياد العصفور الصغير.. وهذه الطيور يتم اصطيادها فقط في لبنان وقبرص وتركيا ومالطة رغم الإتفاقات الدولية بمنع صيدها.
-
هناك وزير قبرصي إضطر الى تقديم استقالته بسبب صورة إلتقطها له احد السياح إنكيلز وهو يأكل “عصفوراً ” في أحد المطاعم.
-
للصيد فلسفة خاصة تتعلق بالطبيعة والتواصل معها ،وهو رياضة الملوك لانه رياضة مكلفة ويحتاج كذلك الى أخلاق ملوكيّة.
-
تنظيم إقتناء السلاح الحربي وسلاح الصيد في لبنان يؤمن للدولة مئة مليون دولار في السنة.
-
أصغر طائر يصطاده الأوروبيون هو الترغل، ولا يعتبرون العصفور الصغير طريدة صيد، وينفقون حوالي 150 مليون يورو لبناء بيوت له، والناس هناك يضعون البيوت في حدائقهم ويتمتعون بمشاهدته.
-
الصياد يحترم الطبيعة وهناك فرق بين الصيد والابادة، فالطير له حق في الأرض بقدر ما نحن لنا الحق.
-
نحن أكثر بلد في العالم يوجد به أكبر نسبة صيادين مقارنة بعدد السكان،والصياد في أوروبا يعتبر من أهم حماة الطبيعة.
-
الدولة منعت نظرياً الصيد في البداية وكان الالتزام محدوداً. وأرى إن القوانين لا تكفي ويجب أن يكون هناك خطة للتوعية بدءاً من المدرسة.
-
المقاوص تشبه مناطق الحروب من كثرة الخرطوش المتواجد فيها.
-
كل صياد يجب أن يخضع لدورة تثقيفية، تكون بالتعاون مع بعض الجامعات، ويجب أن يكون ثمن رخصة الصيد مرتفعاً وتستعمل أموال الرخص لتمويل الدورات التدريبية على الصيد.
-
يجب أن ننتج طيورا للصيد متل الفيزون والحجل البلدي الذي أصبح شبه مهدد بالانقراض.
-
بنادق الاوتوماتيك كارثة حقيقية، لأنها لا تعطي الطريدة فرصة، وبسببها تشوهت طبيعتنا بالخرطوش الفارغ.
-
أشعر برغبة في كسر يد كل شخص يرمي الخرطوش الفارغ في الطبيعة، فهذا الشخص لا يستطيع ان يرى الجمال لأنه مشوه داخلياً.
-
في جعبة الصياد مكان لوضع الخرطوش المليء وآخر لوضع الخرطوش الفارغ.
-
يجب أن يكون هناك براميل مخصّصة لوضع الخرطوش الفارغ وأخذه لإعادة تصنيعه في المعامل.
-
من فرط دهشتي وحماسي أصبحت متوتراً ولا أعرف ماذا أفعل في أول رحلة صيد لي في أوروبا حين رأيت الحجال بكثرة لا توصف، لكن صديقي قال لي ” اوعا تقوص عالغاطط لازم تكون عادل مع الطير وتعطيه فرصة نجاة”.
-
بعد رحلات الصيد التي قمت بها الى أوروبا لم أعد أحب الصيد في لبنان، فكل عصفور يمرّ في سمائنا ينال عشرات الطلقات في مشهد يشير الى الـ “وحشنة ” لا الى مهارة الصيد وأخلاقه.
-
الصيد بالشباك هو فعل شنيع أضرّ كثيراً بهواية الصيد والصيادين.. الضمير يجب أن يكون رادعاً قبل القانون .
-
أذهب حوالي ست رحلات في السنة الى اوروبا تقريباً، حسب وقتي، وفي بريطانيا يوجد طقوس عديدة ممتعة للصيد، وهناك مزارع من القرن الثامن عشر للصيد يوجد فيها الحجل والفيزون.
-
لا أحب القنص ببارودة الرصاص او المزودة بمنظار، فهذا ليس من ذوقي في الصيد .
-
أبني يعتبرني قواص طيور ولا يرضى الذهاب معي الى الصيد، ولا يوجد أحد من عائلتي مغرم بهذه الهواية.
-
أحب أن أجرب الصيد بالصقور.
-
الى جانب الصيد أحب الشعر وأكتب القليل من الزجل وليس لدي مزاج في التصوير في الصيد لأنني أحمل البندقية
-
الوزير أبو فاعور أيضا يقول الزجل وكنا في المجلس أحيانا نقوم ” بردة مني وردة منّو” .
-
في أول مرة قمت برحلة صيد غزلان كانت زوجتي برفقتي وحين أرديت الغزال ” قامت بحفلة بكي، وصار بالنا بالمرا وبالنا بالغزال “
-
من الحوادث الخطرة التي حصلت معي بالرغم من حرصي الشديد .. كنّا نصطاد في نهر الفرات وكنت أرتدي ” قفازات”( كفوف) لديه فتحة للاصبع الذي نرمي به، وقد كان مقفلا وما ان “ضربت” يدي على البارودة انطلقت الخرطوشة ومرت على بعد سنتيمترات منه وسقطت البندقية في الماء.. وكانت هذه حادثة مؤثرة لا انساها ابدا.
-
في أحد رحلات الصيد إصطاد صياد “Grouse” وهو طائر سريع جدا وقد ارتطم عند سقوطه برأس زوجته فقتلت.. وبعدها أهتم الرجال بسؤاله عن تفاصيل هذه الطريقة المجدية ” يضحك” .