header

هل فات الأوان؟

بقلم ماهر الاسطه

ماهر-الاسطه
هذا الموسم لم يأتِ المطوق، والسمُّن كان خفيفاً جداً وكذلك الفري والدلم ومعظم الطرائد المهاجرة.
بعض الصيادين المُحبَطين عزوا ذلك الى تغيرات المناخ والبعض الآخر الى اسباب أُخرى كالحرب الدائرة في سوريا والشبك او أن الأتراك يسممون الطيور أو أن الطير غيّر طريقه… الخ.
كل ما سبق هي نظريات ليس فيها أي دلائل علمية ومعظمها لا يمُت للحقيقة بصِلةٍ.
الواقع هو ان الجميع نسيَ أو تناسى الحقيقة الواضحة وضوح الشمس والتي كل صياد لبناني رآها بأم العين.
سوف أشرح بإختصار بعض الوقائع التي لا مجال للشك بها وأترك لكم قرائي الأعزاء الحكم على الأمور:
1- حسب الإحصائات، إن عدد “الصيادين” بلبنان تعدى الخمسماية ألف صياد. وكلنا نعلم أن أي صبي يستطيع ان يدخل الى محل بيع ادوات الصيد ويخرج ببارودة اوتوماتيك خمس طلقات، مع خمسة هدايا، بمبلغ ٢٥٠ دولار او اقل. وكلنا رأينا المقاوص مقتظة بال”صيادين” الذين لا يعرفون التمييز بين المطوق والدوري.
2- معدل سعر علبة الخرطوش لا يتعدى السبعة دولارات وهو الأرخص بالمنطقة بأشواط. وجميعنا رأينا كيف أن ال”صيادين” لا يتورعون عن “اصطياد” الفراشات وجذوع الأشجار وبراميل النفايات واليافطات المكتوب عليها ممنوع الصيد.
3- إشتهرت مقولة أن الصياد بدون مكنة “ما بيسوا شي” وأصبحنا جميعنا نملك ماكينات لجلب الطيور عليها مئات الأصوات وأصبحت الأرغيلة من عدة الصيد حيث ينتظر الصيادون ان يأتي الطير لعندهم. وأصبح صيد الفر فقط “عالمكنة”، وانتهى عصر رياضة المشي وراء الطرائد.
4- لم يعد أحد يكتفي أو يشبع من الصيد واصبحت العادة انه طالما “في مرق” طالما “في قواص” ولا أحد يفكر ان يترك شيئا للغد. لا بل حتى لو توقف “المرق” لا يتوقف الصيد، حيث ان السيارات الرباعية الدفع جاهزة لمطاردة اسراب المطوق التي حطت على الأرض لترعى، ودرجت اجهزة الإتصال لتنسيق المطاردة كي لا يفلت أي طير.
5- اصبح الموسم يمتد على مدار السنة ولم يعد احد يتوقف عن الصيد طالما يوجد طير يحلق في سماء الوطن. ولم يعد احد يراعي حرمة موسم التزاوج والتعشيش.
أعزائي: كلنا رأينا رفوف المطوق أو الصلونج تباد عن بكرة ابيها من قبل الصيادين المتمركزين أمامنا قبل أن تصل “حبة” بالغلط لعندنا، فما بالكم على امتداد الوطن؟
فلنفكر بالوقائع قبل أن نلوم المناخ أو ان الطير غيّر طريق اسلافه. لا يوجد شيء ليس له نهاية ولا يوجد مزارع مطوق وسمُن بأوروبا إذ انه يجب ان يرجع بعض الطيور المهاجرة من اماكن التشتية لاماكن التكاثر لتكتمل دورة الحياة.
هناك عدة عوامل غير مباشرة أثرت على اعداد الطيور كالبناء العشوائي والأساليب الزراعية الحديثة الخ. لكن السبب المباشر الوحيد هو الصيد العشوائي، فليكن عندنا من الشهامة والرجولة ما يكفي لنلوم انفسنا قبل ان نلوم غيرنا.
هناك بادرة خير وبصيص من الأمل يتمثلان بقانون الصيد الجديد والوعود بتطبيقه، فهل سيطبَّق في الموسم القادم؟ وإذا طبِّق، فهل فات الأوان وسنستحصل على الرخص لنجد أن الصيد إنتهى في لبنان وانقرضت اسراب المطوق من غير رجعة؟
وحدها الأيام سوف تثبت الإجابات على اسئلة الصيادين القلقين على مصير أشرف وأنبل هواية بالكون.

 

بقلم ماهر الاسطه رئيس قسم الصيد البري

مقالات ذات صله