header

نساء الصيد في البر والبحر… ينافسن الرجال

كثيراً ما يظن الناس أن الرياضات القاسية المتعبة والخطرة هي حكر على الرجال، وقد ساعد على تفشّي هذه الفكرة قلة النساء اللواتي يمارسن هذه الرياضات، والتي أبرزها الصيد، لكن قلة العدد لا تعني أنه ليس هناك صبايا لديهن بصمات مهمة في عالم الصيد والرحلات البرية.

غريس مخلوف

غريس مخلوف: حين أتفوّق على الرجال تصفَرّ وجوههم 
بالرغم من أنها إمرأة لا تهدأ ودائمة الحركة والنشاط، إلاّ أنها في صيد السمك تُعتبر من أبرز الهاويات المحترفات بالصيد في لبنان، لصبرها وقدرتها الفائقة على تحمل ساعات طويلة تصل إلى 24 ساعة صيد متواصلة، في زورق خشبي عادي “فلوكا”، وعلى بعد مسافة تصل إلى 3 كيلومترات في البحر برفقة والدتها.. وبسبب حظها الوفير في الصيد دائماً.
تعرفت غريس على البحر باكراً في غانا (أفريقيا)، عن طريق الوالد الذي كان يهوى الصيد بشدة، وأصبحت ووالدتها تمارسان هذه الهواية. وعند عودتها إلى لبنان تابعت والعائلة هوايتها حيث كانت الرحلات البحرية في الزورق أسبوعية وأحياناً 3 مرات في الأسبوع، وكانت مليئة بالمغامرات والطرائف والمنافسة “والزكزكة”، وكانت كلمات التبجح الطريفة تنهمر سخرية محببة على الذي لم يحقق شيئاً لتضيف إلى الرحلة نكهة خاصة وتلون الوقت بالابتسامات.
أحبت غريس الصيد بالخيط لما يجلب من متعة ويفرغ كل هموم الدنيا في البحر ويصبح الشغل الشاغل هو السمكة فقط، وعن عادتها الخاصة في الرحلة تقول ضاحكة: أنا أقول “أحم” حين تلتقط صنارتي سمكة وهذه الكلمة أصبحت تشغل بال الجميع خوفاً من التفوق، فصرت أحياناً أخدعهم وأقولها حتى لو لم يكن هناك سمكة لأجل أن ألعب بأعصابهم ونتسلى ونضحك. وتضيف: أما أُمي فتَتَصيّد بكثرة وبصمت مشبوه “عَ اللسّ” كما نقول باللهجة اللبنانية، فننعتها بـ”الخبيثة ” فتضحك.
وتؤكد غريس أنها تحب المنافسة مع أيٍّ كان، حتى ولو كان أكثر من محترف وتضيف: حين أتفوق على الرجال تصفَرّ وجوههم.
وبالرغم من أن غريس وزوجها…. يعيشان حياة مميزة وعلاقة جميلة ومنسجمة إلاّ أن علاقتهما في الصيد متضاربة المزاج. فهي لا تستمتع سوى في رحلة القارب الخشبي “الفلوكا” والجلوس الطويل لساعات والصيد بالخيط، بينما هو له مزاج آخر لصيده البحري، عناصره: قارب سريع ورحلة قصيرة لكنها دسمة بأحجام السمك الكبير الذي يصطاده.. والصور التي رأيناها عنده خير شاهد على احترافه الكبير لهذا النوع من الصيد المثير.
قالت في اللقاء
 
لا يوجد نساء كثيرات  في عالم الصيد لأنهن مشغولات “بغير شي”.
لا أحب مرافقة الأصدقاء في رحلة الصيد، لأنهم غير معتادين على الجلوس طويلاً وقد يتقيؤن وينغصّون رحلتنا.
من مراجل الصيد البحري أن تصطاد سمك “سلطان ابراهيم” و”مليفا” بصنارة قصبة الصيد أو الخيط.
أمارس الغوص لأجل التمتع بمناظر البحر وليس للصيد.
في إحدى المرات، ليلاً، سمعنا أصواتاً تشبه النفخ فخفنا، وما هي إلاّ برهة حتى اكتشفنا أن 4 دلافين تسبح قربنا ففرحنا بها.
أنا ضد صيد الأنواع المحمية من الأسماك، ولكني أقول قبل أن نحافظ على البيئة البحرية من الصيد الجائر يجب أن نحافظ على نظافتها أولاً.
أكثر ما يزعجنا بالصيد هو جلود وبقايا الحيوانات المرمية في البحر، وأكياس النايلون.
نعم.. بكل موضوعية، نغار من بعضنا في الصيد وأحياناً نصرخ ببهجة مصطنعة لنغيظ الصياد الآخر ونشغل باله بإننا اصطدنا.
هناك سمكة سامة نطلق عليها اسم “النفيخة” ولها أسنان كوجبة الإنسان تقطع بها خيوط قصبات الصيد ولهذا تزعجنا كثيراً في الرحلة.
غلاديس نجار
 غلاديس نجار: عائلتنا عائلة صيادين ووالدي كان لديه جفت روسي يخاف عليه أكثر منّا
منذ أن كانت في الـ 12 من عمرها دخلت غلاديس عالم الصيد البري. فوالدها صياد ماهر وعتيق وكان لديه جفت روسي يخاف عليه أكثر من العائلة. والوالدة كانت خبيرة في تنظيف العصافير، فكانت تحضرّها وتشويها في الحقل لأكلها مباشرة بعد الصيد، وكان كل فرد ينتظر دوره ليأكل.
هذا ما حدثتنا عنه غلاديس عن بدايتها في عالم الصيد، وأضافت: أحب رحلة الصيد أكثر من قنص الطيور، كما أحب الرماية كثيراً وأعشق الطبيعة. كنت أذهب وحدي قبل الزواج للمشي والتمتع بجمال السهول والجبال، وبعد الزواج أصبحت أذهب أنا وزوجي وأولادي. وتعترف على مضض “زوجي أشطر منّي بكثير”. كما تبوح بأنها كانت تأخذ “جفت” زوجها للتباهي أمام الأصدقاء في الرحلات، بدلاً من استعمال بندقيتها breda 302 lusso.
تصطاد غلاديس كل أنواع الطيور المسموح صيدها في المواسم، وطائر “السمّن” هو أشهى الطيور عندها، وتخبرنا أيضاً أنها كانت تشارك في التيرو في بلدتها “مَيفوق” الكسروانية، وتحقق أهدافاً عظيمة وسط أصوات وهَيصات الحاضرين “برافو شاطرة متل زوجها”.
 لا يوجد لغلاديس رفاق صيد من الجنس اللطيف سوى ابنتها (12 سنة) التي تتسلى في إطلاق النار على الخرطوش الفارغ، وابنها (6 سنوات)، وتقول بطرافة: “أبوهم بعلّمهم تَ يصيرو شاطرين متل إمُّن”..
فهي تتمتع كثيراً بروح الفكاهة الدائمة، ولديها قصصها الخاصة في الصيد ككل الصيادين والمنكّهة بالمبالغات الطريفة.
تقول:
في إحدى المرات، وكنت على قمة الجبل، أتصيد وحدي صودف أن مرّت على مسافة قريبة جداً تحتي “حومة” فتصيدتها ببندقية “دَكّ 11 30″، وحين وصلت إلى البيت صرت أصرخ بملء حنجرتي “تعالوا انظروا تصيدت حومة”. واستغرب الجميع بأنني تصيدتها بهذه البندقية، فصرت أبالغ وأقول إنها كانت عالية جداً إلاّ أن دِقّة التصويب عندي كانت لها بالمرصاد، ولكنني بعد أيام بحت بالحقيقة، لأن ضميري عذّبني.
وعن حدث آخر قالت غلاديس: “قنّصت إحدى الطيور الكبيرة ببندقيتي بخرطوش رقم واحد من علو ليس سهلاً، فسقط وحين ذهبت لإحضاره وجدته ما زال حياً فلم أتجرأ على الاقتراب منه وإمساكه، فناديت ابن عمي الذي كان على مسافة بعيدة عني وأخبرته بما حصل فقال أطلقي عليه طلقة أخرى ففعلت وحين اقتربت منه لم أجد أثراً له وشعرت آنذاك أنني مجرمة”.
 زينة الحاج حسن
زينة الحاج حسن: لم أتصيد “البط” بعد.. وأتمنى الذهاب في رحلة صيد إلى أفريقيا 
لم يكن السلاح عند زينة شيئاً غريباً أو طارئاً على حياتها، وهي التي ولدت في منطقة “بقاعية جردية في لبنان”، حيث المرأة فيها تجيد استعمال السلاح كالرجل. وقد دخلت عالم الصيد من عالم الرماية، وكانت مرافقَتها لأخوتها في رحلات الصيد السبب الأبرز الذي شدّها إلى هذه الهواية، ووَطَّد علاقتها بالطبيعة. وتشير زينة إلى أنها لا تحب القتل أو العنف إنما شكل السلاح. ولديها علاقة كبيرة به وتراه رفيقاً حقيقياً، وهذا ما شدها إلى عالم الرماية، فشاركت في دورات وتمارين عدة في لبنان والخارج.
لقد تعلقت بالصيد “لأنه يأخذها من العالم الملوّث إلى العالم النظيف حيث الروائح الطيبة والمناظر الخلابة وهدوء الأعصاب”، وبالرغم من أنها صيادة ماهرة إلاّ أنها تحب الرحلة أكثر من قنص الطيور، كما أن لديها قدرة على المشي ساعات طويلة في كل الظروف الطبيعية الصعبة.
قالت في اللقاء
 
لم أتصيد “البط” بعد إلاّ أنني أحب هذا النوع من الصيد لأنه يحتاج إلى كمين وإلى تكتيك وصبر كبيرين.
كل الصيادين يقصدون مناطقنا للصيد وهناك خيارات كثيرة كالجبل والسهل والأودية.
في الرحلات يتفاجأ جداً مَن لا يعرفني أنني أُجيد إصابة الهدف ببراعة.
أتمنى الذهاب إلى أفريقيا للصيد لما فيها من مناظر خلابة ومغامرات شائقة.
يظن البعض أن المرأة إذا مارست هوايات قاسية كالرماية والرالي أو الرياضات الخطرة كتسلق القمم والقفز بالمظلات تفقد أنوثتها أو تكون قاسية كالرجل.. وهذا لا يمت إلى الحقيقة بصلة.
الذي يعتبر نفسه وصل إلى القمة يكون قد قضى على أحلامه وموهبته.
الكبار الذين حققوا إنجازات مدهشة في هواياتهم يصرّون على أنهم ما زالوا هواة وليسوا محترفين.
عملي يمنعني ممارسة هوايتي كثيراً.
أحب التصوير كثيراً ولكن في الرحلة، الصيد يأسرنا بتفاصيله المدهشة فننسى التقاط الصور.
يغار الرجال ويمتعضون حين أُصيب الهدف وهم لا.
أكثر ما يضحك هو خلاف الصيادين حول من اصطاد هذا الطائر.
أحب السباحة والخيل والسير في الطبيعة والتصوير، ولم أجرّب الصيد البحري ولكن أعتقد أنني قريباً سأمارسه وأتعلّم الغوص أيضاً.
 

مقالات ذات صله