لا يمكنك الا ان تشعر بنبض حب عميق ووطنية عارمة وانتماء الى الشرف والتضحية والوفاء، وانت وسط حشود كبيرة من مدنيين وعسكريين لبنانيين وأجانب أتوا من كل حدب وصوب للمشاركة في سباق المغاوير من ” ثكنة الى ثكنة ” من اللقلوق الى الأرز، لأجل التواصل مع الطبيعة وجمالها واختبار القوة الكامنة فيهم، والاصرار، والتحدي، تحت رعاية مؤسسة عسكرية نظيفة في وطننا تنظر الى الانسان المواطن كإنسان مواطن، والى الانسان الأجنبي كأخ في الانسانية والمواطنة بعيدا عن قصر النظر الطائفي والعنصري التفتيتي المدمر للوطن وانسانه.
لا يمكنك الا ان تشعر بالأمان وانت ترى ضباط وعناصر المغاوير يهرعون لتفتيشك بدقة غير عادية وبإحترام كبير وسط التحديات الأمنية الكبيرة والخطيرة والشرسة التي يمر بها الوطن، مرددين عبارات الإعتذار عن هذا الإجراء الضروري لحماية أمن الناس.
لا يمكنك الا ان تبتسم بفرح وتشعر بالانصهار وانك ابن العائلة وانت تنتظر وصول دورك لتأكل ” مناقيش على الصاج ” مصنوعة بأيدي عناصر المغاوير وتجلس قرب نار اعدّوها لسهرتك على انغام اناشيد واغان وطنية تزيد في قلبك منسوب الحب والإحساس بالوطن لتنام بعدها بهدوء وأمان بإنتظار يوم التحدي.
..ويستفيق الضوء على أوامر عسكرية بصوت عال وخشن يصاحبه إبتسامة صغيرة ” قوم احسن ما كب عليك مي “، ” خلص نوم يلا قوموا جهزوا حالكن ” ، ” بعدك ناااايم قوووووووووم يلا قوم بسرعة ” أوامر رددها المغاوير ليوقظوا من كان نائما حوالي الساعة الرابعة صباحا، مقتنعين بضرورة تردادها لما تثير من حماسة في قلوب المشاركين الذين كل فرد فيهم اتى ليكون ” مغوار لنهار “. فيهبون مبتسمين وهم يعيشون لحظات من حياة العسكر القاسية التي لا تخضع الا للساعة العسكرية التي لا وقت فيها الا للواجب.
يبدأ التجمع في ساحة الثكنة .. يرتفع منطاد في السماء يرفع العلم اللبناني وعلم الجيش وينطلق الجميع بعد طلقة البداية من مدنيين وعسكريين وعائلات شاركت في السباق على طرقات جبيلة مدهشة بجمالها ،يواكبهم عناصر من المغاوير على ثلاث محطات. اولى : على بعد 12 كلم والثانية 23 كلم والأخيرة 40 كلم في ثكنة غابة الارز…
ننطلق كصحفيين في سيارات عسكرية اعدت لمهمتنا ، ننتظر على مفارق وطرقات وعرة قدوم المتسابقين، نلتقط الصور لهم لابتساماتهم الندية وضحكات عيونهم وانفاسهم المتعبة وعرقهم الذي جعل وجوهم تلمع وهيي تحيي وجه الشمس .. ونعود لنتركهم يكملون سيرهم حيث لا تجرؤ السيارات على المرور، وننطلق نحو غابة الأرز لننتظر الواصلين .
اكثر من 1500 مشارك من كل المناطق اللبنانية، من ذكور واناث، من الجيش والأجهزة الأمنية وقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، من كل الأديان والمذاهب والطوائف، من دول عديدة كالولايات المتحدة الأميركية، فرنسا، المانيا، الهند، هنغاريا والبوسنة والهرسك، شاركوا في السباق، كان يظهر بينهم من حيث لا يدرون قائد فوج المغاوير العميد الركن شامل روكز ومساعديه من الضباط ليتابعوا بأعينهم وحواسهم حسن سير الرحلة الكبيرة التي رعاها قائد الجيش العماد جان قهوجي.
وينتهى السباق ويحقق الابطال نتائج مهمة ويقلد العميد روكز الاوسمة للفرق الفائزة ويسلمها الكؤوس في غابة الأرز ويشيد بالروح الرياضية العالية للمتسابقين ويشكر رعاة السباق.
بالعدد الكبير ونوعية المشاركين تميزالسباق، رغم الوضع الأمني الخطير الذي لم يوفر ضباط وعناصر الجيش،الذين قضى الكثير منهم في احداث ومعارك عديدة للدفاع عن كرامة وطن يريده ابناؤه مساحة للتنوع والأعتدال لا مساحة للارهاب والعقول المغلقة، وقد اكد لنا كثيرون ان اشتراكهم في السباق هو ردة فعل حب للمؤسسة العسكرية التي تمثل كل اللبنانيين الشرفاء والتي لن تسمح ابدا بتدمير الوطن مهما علت التضحيات.
،هذا السباق كان خامسا من حيث السنوات، لكنه لم يكن هذه السنة رياضيا فحسب ، بل كان سباقا مع الزمن لأجل المحافظة على وحدة الوطن من خلال التأكيد اننا كلنا مع الجيش، نعيش معه ، نمضي معه وقدره هو قدرنا جميعا، وكل التحديات نقبلها معه لأننا ابناء الوطن وهو جيش الوطن.