لبنان، المحطة الحيوية على خارطة مسارات هجرة الطيور العالمية، يشهد عبور ملايين الطيور عبره سنويًا في رحلتها بين القارات.
لكن لبنان يعاني من تحديات جمّة تتعلق بواقع الصيد في البلاد، والذي بات يمثل مصدر قلق بيئي ملحوظ. الصيد غير المنظم والعشوائي، خصوصًا خارج الموسم المحدد وبأساليب غير مُستدامة، يُفاقم من المشكلات البيئية الموجودة ويُهدّد التنوّع البيولوجي الغني الذي يتمتع به لبنان.
يتجلّى هذا الواقع بشكل خاص خلال موسم الهجرة، حيث تعبر الطيور المهاجرة الأجواء اللبنانية في رحلتها بين القارات، وتجد نفسها محاطة بتهديدات مُتعدّدة ناتجة عن الصيد غير القانوني والفخاخ المحظورة. مما وهذا مما يُؤدّي ليس فقط إلى تعريض حياة الطيور للخطر، بل ويؤثر أيضًا على الأنظمة البيئية التي تعتمد عليها هذه الطيور بشكل مباشر.
يحمل فصل الربيع أهمية بالغة للطيور، فهو الوقت الذي تدخل فيه في مرحلة تكاثر محورية تبدأ ببناء الأعشاش، ووضع البيض، والعناية بالصغار. هذه الفترة الحيوية تُساهم في استمرار الأنواع وتنوعها. ولكن، في ظلّ تفشي ظاهرة الصيد غير القانوني في لبنان، تواجه هذه العملية الطبيعية خطرًا داهمًا ينذر بانخفاض حاد في أعداد الطيور، ما قد يؤدي إلى تعرض بعضها لخطر الانقراض. الصيد خلال فترة الربيع لا يُهدّد فقط الطيور المحلية، بل يمكن أن يؤثر على التنوّع البيولوجي على نطاق عالمي.
للطيور دور حيوي في النُّظم البيئية، إذ تعمل على التحكم في الآفات، وتلقيح النباتات، ونشر البذور، مما يُعزِّز من صحة وسلامة البيئة الطبيعية. فالإخلال بهذا التوازن يمكن أن يكون له تأثيرات وخيمة تمتد لتشمل الكائنات الأخرى والبشر أنفسهم.
تأتي هذه الأفعال على الرغم من الجهود التي تبذلها المنظمات البيئية والحكومية لتعزيز الوعي حول أهمية الحفاظ على الأنواع وضرورة تطبيق قوانين الصيد الأخلاقي.
النشاطات التوعوية والتثقيفية مُستمرة لإشراك المجتمعات المحلية وتحفيزهم على الحفاظ على الحياة البرية، لكن التحدي يكمن في ترجمة هذا الوعي إلى ممارسات يومية وتشريعات فعّالة.
أمام هذا الواقع، يبرز التزام مُلِحّ باتخاذ إجراءات صارمة لكبح جماح الصيد العشوائي والسعي لحماية الطيور، وذلك بتشديد القوانين وتكثيف جهود الرقابة، خصوصًا في الربيع. يتعيَّن علينا أيضًا تعزيز الوعي العام بقيمة الطيور وأهميتها في الحفاظ على توازننا البيئي، ودعم الممارسات المستدامة التي تُمهِّد لتعايش مُثمر مع عجائب الطبيعة.
لذا، يبقى واقع الصيد في لبنان محور نقاش وجهود، وهناك حاجة ماسة لتعاون وتنسيق أكبر بين السلطات والمواطنين والمنظمات والصيادين لوضع حد للصيد غير المسؤول ولضمان أن يكون الصيد، عندما يُمارس، ضمن إطار يحترم البيئة ويساهم في استدامتها.