متعة كبيرة ان تسمع قصص الفنان طوني حنا عن الطبيعة والصيد والفروسية، وانت قابع في منزله الهادئ في ضيعته ” معاد ” ،الذي يشبه مزرعة صغيرة تضم الحجال والطيور العديدة والحيوانات الى جانب طاووس ازرق واضح العنجهية، كان يقول له طوني كلما فتح ذيله ورفع صوته ليبهرنا ” انا مش آخد من لونك وانت مش آخد من صوتي ” ويقهقه ضحكته الجبلية التي تحمل عمرا من الفن وعمرا من التعلق بالطبيعة التي يعتبرها أمه الثانية ، والتي حين يتحدث عنها يغرق في ذاته ويغرقنا معه فنرى كل الجماليات ونعيش الاحداث بوضوح عشق.. مستحضرا زملاء له من عالم الفن كانوا فيما مضى رفاق درب صيد ورفاق درب عطاء .. بقيت صور رحلاتهم المشتركة عالقة في ذهنه لان الصور الورقية كانت قد اخذتها الحرب..
كيف كانت بداية الصيد معك في ضيعتك ” معاد ” ؟
بدأت في عمر 14 سنة ، واجبرت والدي على شراء جفت لي من كثرة ” النق ” ( الإلحاح ) . لقد كان خوفه عليّ كبيرا ولكن رضخ في نهاية الأمر ..وقد اضعت دراستي بسبب الصيد الذي تعلّمته من الأصدقاء وكنا نذهب الى احراش ” معاد” لصيد السمن والفري والصلي على الحجال في المواسم .
ذكرت المواسم .. هل كان هناك قانون ومراقبة قاسية لتلتزموا بالمواسم ؟
كنا نخضع للخبرة الفطرية وللضمير ..اذ كان معيبا ان نتصيد في موسم وضع البيض . ولوكان هناك صيادون ذو ضمير اليوم لما تدهور وضع الطير في بلدنا . على الصياد وبغض النظر عن القانون يجب انو يكون لديه ضمير وخبرة .
هل كانت ” معاد ” تستقطب الصيادين اليها بسبب وفرة الصيد ؟
كان الرئيس الراحل كميل شمعون يأتي كثيرا الى معاد للصيد .. ولكن لم يكن هناك صيادين من خارج الضيعة يأتون الينا ، لقد كان الصيد موجودا في معظم قرى لبنان .. (يصمت لبرهة ويشير الى لافتة وضعها على باب مزرعته تقول ” بلاد قل طيرها قل خيرها ) ويكمل : لقد كان بلدنا بلد الطيور والجمال وها نحن نخسر هذه النعم بسبب الصيد الجائر.
قال في اللقاء:
– عاصي الحلاني فارس حقيقي وعلاقته بحصانه ليست علاقة سطحية ..انا فارس واعرف ذلك.
– الطائر المقيم في بلدك له حقوق بالعيش في الطبيعة مثلك وأكثر.
– كل انثى حجل تقتلها في موسم البيض تقتل معها اطفالها وهذا لا يسمى صيد انما جريمة.
– الصياد يحب ” شوفة الحال ” ( يضحك ويكمل ) كنا نترك الحجل ليوم اخر لنعلقه ونقول اننا تصيدينا غيره.
– كنت اصطاد مع الكبير وديع الصافي ..لقد كانت الطبيعة مسرحنا.
– قضيت وقتا طويلا في الصيد مع ملحم بركات خصوصا حين كنا نذهب الى سوريا لصيد الترغل.
– لبنان تشوّه بسبب السياسة والصيد الجائر.
– لا يعقل ان يقبل الصياد بإبادة الطير لأنه يبيد هوايته.
– لم يكن الصيد عندنا منافسة انما متعة وتواصل مع الطبيعة.
– فليمون وهبي كان الأقوى في الصيد بيننا وانت كنت حينها اقوى من ملحم بركات ..
– ملحم يصطاد مثلما يغني .. يصطاد بسرعة وجمال .وهو (مذوق) في الصيد فمثلا حين يذهب لصيد السمن لا يقنص غير السمن.
– كان كلبي يغار كثيرا من حصاني عندما ادلله.
– كنت ارقص مع حصاني رقصات رائعة ..فالحيوان يشعر بفرحك وحزنك.
– صيادو هذه الايام يقنصون الشجر والحجر والبشر .
– كل كائن خلقه الله له وظيفة.. ولكن عند اللبناني عدائية تجاه الحيوان، يقتل الأفعى لانها تسلع وهي لا تلسع لا اذا هاجمتها لتحمي نفسها او اذا احست بالخطر ، كما يقتل الضبع ويتباهى دون ان يفهم وظيفته في تنظيف الطبيعة من الجيف .
– لو كان هناك التزام بموسم الصيد وعدد الطرائد لبقي الصيد بألف خير.
– ان تراقب الشرطة الصيد ” هيدي مزحة ” الصياد يراقبه الاخلاق والضمير والمعرفة.
– في مرة ليست ببعيدة نهرت احد ” الصيادين ” الجدد لانه كان يقنص ورفيقه امامه .فصرخ عليّ وقال ” عارف حالك مع مين عم تحكي ؟ ” فصرخت بصوت أعلى ” انت عارف حالك مع مين عم تحكي ” وامسكت ببندقيتي فأرتعد ورحل .
– في مرحلة الستينات كان الخرطوش غالي الثمن والطيور كثيرة وهذا ما ساهم ايضا بتكاثر الطير بشكل كبير .
– في احد المرات في ” الصلي على الحجال ” دخل كلبي قبلي كالعادة الى ” الستارة” ثم استدار بسرعة ونبح عليّ وكشر عن انيابه فأستغربت فعلته وما هي الا لحظات رأيت افعى تنسل من هناك ..فعرفت انه كان يحميني من الخطر . فعدت الى المنزل ” وفقشتلو بيضتين ” لتكريمه (يضحك).
– خلال هجرتي اليها غيرتني أميركا .. في اول فترة كنت فيها كنت اصطاد العصافير بالسر في الحدائق على الدبق لأشبع بطني .. وبعدها لم اعد اصطاد اي عصفور لديه لون او صوت جميل.