إنها الخامسة فجرآ وهو يقود سيارته على طريق رملية يبعد ساعات عن منزله.
الطريق خطيرٌ في عتمة الليل لكنه يسرع رغم ذلك، فهو يحفظه كما يحفظ كف يده، حجر حجر حفرة حفرة. وكيف لا وهو يذكر أنه من ثلاثة مواسم ماضية اضاع سمَّنة خلف تلك الصخور على يمين الطريق، وكيف ينسى دجاجة الأرض التي فاجأته الموسم الماضي حين طارت من الشجيرات خلف ذلك المنعطف؟
يصل قبل بزوغ الفجر بحوالي الساعة، لكنه يسرع لينزل من السيارة ويخرج جفته من بيته الجلدي ليضع به طلقتين “تَحسٌباً” مع أنه على يقين أنه لن يقدر على رؤية أي طير في هذه الليلة الظلماء إذ أن الغيوم الرمادية حجبت ضوء القمر والنجوم.
هو يعلم أن الصياد يجب أن يكون مستعداً لكل شيء. ولهذا السبب تماماً لم يغمض له جفن تلك الليلة. كلما أعاد التفكير بعدته التي قضى ساعات بتحضيرها كلما ازداد قلقه من أنه غفل عن شيء ما، سكّٓين ربما؟ قبعة؟ علبة الخرطوش الجديدة التي يرغب بتجربتها؟ …
يقف خارجاً، جفته بيده وإصبعه على الأمان، متأهباً، يقظاً، لا يغفل عن أي صوت أو حركة أو حتى رائحة. بإنتظار ان يرى خط الجبال يتوضّح مؤْذناً بقدوم أشعة الشمس معلنة عن بزوغ فجر جديد لتبدأ تلك الملحمة العظيمة بين الإنسان والطبيعة التي نسميها: “صيد”.