… لا يمكن الغوص في حياة الراحل الشيخ زايد بن سلطان الذي يعتبر من ابرز شخصيات الصيد المستدام وعشاق الطبيعة والارض والتراث الا من خلال لقاء شخص كان بمثابة ظله طوال 34 سنة ..انه محمد الخالدي ( ابو ركان) المصور الذي استقدمه الشيخ زايد من الاردن ليرافقه في رحلة صيد الى الهند، فكان الخالدي الطريدة التي تصيدها الشيخ زايد بعينه الثاقبة وحكمته، فأبقاه الى جانبه مصورا خاصا موثوقا جدا ورجلا للمهمات الصعبة.
زايد كان رجل البيئة الاول في الدولة.. رفض أن تبقى الصقور بعد مهمات الصيد كالدجاج في اقفاص فأطلقها الى الطبيعة لتعود وتتكاثر
لم اصد “فرخة” في عمري ولكن بأمر منه اصطدت الفهدة فأطلق علي لقب “راعي الفهدة”
يقول الخالدي رداً على سؤال: لم يكن للشيخ زايد في قصره وقت الا للعمل الرسمي للدولة، ولهذا ففي رحلات الصيد كان يقصد ان تضم الرحلة الكثيرين من جميع القبائل من هواة الصيد بالصقر، بينهم الشيخ والوزير والسائق والتاجر، وكانوا يجتمعون كحلقة حوله يتحدثون من دون خجل ويعبرون عن ارائهم امامه، ويقولون الشعر في حضرته. كان يستمع اليهم ويرد عليهم ويأخذ بوجهات نظرهم.. فترى ان هذه القبائل جميعها ممثلة وصورة مصغرة عن برلمان وتمثل معظم شرائح الشعب الذي تتكون منه دولة الامارات العربية، وهذا ما قرّب كثيرا بين القبائ .
هل كان يحب التقاط الصور في اثناء رحلات الصيد ام كان يفضل ان يترك هذا الامر لغيره؟
كان سموه يحب التصوير كثيرا، وقد كان يصعد مثلا الى سور او كومة عالية من الاحجار يصور الخيول والجمال والطبيعة، اما في رحلات الصيد فكان لا يمسك بالكاميرا كثيرا لانسجامه بعملية الصيد مع صقوره، وكان يحب ان تكون الصورة مناسبة وواضحة ولم يكن يحب ان تكون بها متكلّفة او مفتعلة، وكان يلفت انتباهنا الى كيفة تصوير الصيد بالصقر، والامور الاساسية الثلاثة المتعلقة به ، وهي خروج الطير من يد الصقار، وثانيا عملية الاشتباك والثالثة عملية تخليص الطريدة من الصقر.
يقول الخالدي رداً على سؤال: لم يكن للشيخ زايد في قصره وقت الا للعمل الرسمي للدولة، ولهذا ففي رحلات الصيد كان يقصد ان تضم الرحلة الكثيرين من جميع القبائل من هواة الصيد بالصقر، بينهم الشيخ والوزير والسائق والتاجر، وكانوا يجتمعون كحلقة حوله يتحدثون من دون خجل ويعبرون عن ارائهم امامه، ويقولون الشعر في حضرته. كان يستمع اليهم ويرد عليهم ويأخذ بوجهات نظرهم.. فترى ان هذه القبائل جميعها ممثلة وصورة مصغرة عن برلمان وتمثل معظم شرائح الشعب الذي تتكون منه دولة الامارات العربية، وهذا ما قرّب كثيرا بين القبائل .
هل كان يحب التقاط الصور في اثناء رحلات الصيد ام كان يفضل ان يترك هذا الامر لغيره؟
كان سموه يحب التصوير كثيرا، وقد كان يصعد مثلا الى سور او كومة عالية من الاحجار يصور الخيول والجمال والطبيعة، اما في رحلات الصيد فكان لا يمسك بالكاميرا كثيرا لانسجامه بعملية الصيد مع صقوره، وكان يحب ان تكون الصورة مناسبة وواضحة ولم يكن يحب ان تكون بها متكلّفة او مفتعلة، وكان يلفت انتباهنا الى كيفة تصوير الصيد بالصقر، والامور الاساسية الثلاثة المتعلقة به ، وهي خروج الطير من يد الصقار، وثانيا عملية الاشتباك والثالثة عملية تخليص الطريدة من الصقر.
– هل كانت صور الصيد التي التقطها له هي الابرز من خلال ما تعبر عن عمق شخصيته وقوتها؟
الشيخ زايد كان شخصية جذابة جدا ولها هيبتها، وفي اي موقف او موقع كان، كنا نراه يملأ المكان والزمان ويعطي لكل موقع حقه. وهكذا فقد كانت صوره حقيقية ومميزة.
في الصيد هناك اخفاقات ونجاحات.. هل كان الشيخ زياد ينفعل اذا اخفق ام يتقبل الامر بروح رياضية؟
اولا كان الشيخ زايد يتمتع بروح رياضية على جميع الصعد، وفي عالم الصيد كان صيده مثالا لان الناس المقربين منه كانوا يراعون تعليماته المستندة الى خبرة كبيرة؛ فقد كان يترك الطير جائعا ولهذا لم تكن صقوره تخطئ الهدف بل تصيد ببراعة. كما كان يعطي هذه التعليمات لمن يرافقه والذين يسمعون التعليمات ينجحون والذي لا يراعونها كانت صقورهم تصاب بالفشل فيفشلون معها.. فكان يحزن لفشلهم.
لماذا كان الشيخ زايد يطلق سراح الصقور بعد ان تمضي وقتا في الصيد؟
في السنوات التي قضيناها مع الشيخ زايد كنا نعرف انه في الشهر العاشر واواخر الشهر التاسع تجمع الصقور التي كانوا يصيدون بها، ويضعونها في امكنة لتأكل وتشرب مثل الدجاج، فكان يصيبها الخمول والتعب. ونتيجة لذلك، اتت فكرة لسموه، وهي ان تطلق الصقور الى الطبيعة لتتزاوج وتتكاثر فيؤخذ من اولادها الجديد الذي يستطيع ان يصيد ويتجاوب اكثر. وقد كانت لهذه الفكرة الاثر الطيب على المستوى العالمي للصقور والصيد المستدام، ولم تكن الصقور تطلق هكذا بشكل عشوائي انما كانت توضع عليها اجهزة لاسلكية لمتابعة حركتها ومسيرتها لدراسة اوضاعها ومشاكلها، وهذا ايضا ما كان يحدث مع طائر الحبارى . ونتيجة حبه الكثير للصقور جاءته فكرة في العام 1971 وهي ان نصوّر فيلما عن الصقور، وقد نفذنا هذا الامر، واعدنا العمل ايضا في العام 1973 ولكن بطريقة متطوّرة اكثر بعدما حضرنا البيئة المناسبة ووثقناه في فيلم، وقد حصل على جائزة.
ويتابع الخالدي: لم يكن الشيخ زايد يحب الصيد العشوائي لهذا منع اطلاق اي صقر من دون اذنه، نظرا للمخاطر التي قد تصيب الصقر نتيجة تصادمه مع صقر آخر. لان اطلاق عدة صقورعلى طريدة واحدة تسبب اشتباك الصقور في ما بينها، وتستطيع الطريدة الهرب، وهذا يعتبر فشلا في الصيد. وعلى صعيد حماية البيئة، يقول الخالدي: كان سموه يصدر ويسن قوانين، ويمنع الصيد في اشهر معينة، وهي الاشهر الذي تضع بها الطريدة بيوضها، واي شخص كان يتجاوز هذه القوانين كان سموّه يصادر جواز سفره لمدة 3 سنوات الى جانب تكبيده غرامة مادية وسجن. وعلى اي شخص يريد الصيد ان يأخذ تصريحاً يوضح فيه الى اي منطقة سيذهب وماذا سيصيد.
ويكمل الخالدي حديثه موضحا لنا نظرة الشيخ زايد تجاه البيئة وحرصه على المحافظة عليها فيقول: لم يكن في قاموس الشيخ زايد شيء مستحيل، فإرادته الصلبة كانت كافية لتثبت كل الامور التي حوله، وكان حريصاً على بيئته، وقد اوصل الحضارة والازدهار من المدن الى الصحراء كي لا يتركها اهلها، فكانت سياسته المهمة والاساسية هي تثبيت المواطن في مكانه، ودعمه ليبقى.
هل كان يحب الصيد البحري ايضا ؟
نعم ، وكان يذهب في المركب البحري الخاص بالرئاسة ويصيد بالصنارة، وهو ايضا غطاس ماهر، كما كنا حين نزور جزيرة ما، كان يحب يتناول الغداء على ظهر المركب.
ما الذي كان يميز رحلات صيده ؟
لم تكن رحلات صيد الشيخ زايد مجرد رحلات صيد عادية يمارس فيها هوايته المفضلة فحسب، بل كانت كل رحلة بصمة واضحة في الانسانية والعطاء، فكانت يده البيضاء تبني المساجد والمدارس والعيادات، وترصف الطرقات وتزرع الاشجار وتفيم السدود وسط الصحراء، خصوصا في المغرب وباكستان .. كما كان يقيم مهرجانات سباق جمال وخيول وغيرها من الحيوانات لاهالي المنطقة التي يتواجد بها، ويعطي اموالا وجوائز للذين يربحون والذين لا يربحون ايضا. لقد كان الشيخ زايد يحب فرح الناس ولم يكن ينتظراحدا ليطلب منه شيئا، انما كان يتجه هو الى الناس ليعطيهم وهذا هو العطاء الحقيقي.
كما تحدث الخالدي عن مواقف وذكريات عديدة ابرزها اصطياد الفهدة حيّة بطلب من الشيخ زايد الامر الذي شكل منعطفا كبيرا في علاقته بسموه. فقال: “كنا في رحلة قنص، نسير أمام سيارة المغفور له، فشاهدنا آثار أقدام فهد، وعندما أخبرته طلب مني الامساك بها حية. تهيبت الامر لبرهة ولكنني عقدت العزم على تنفيذ اوامر سموّه بحذافيرها. وبالفعل، حين اقتربت منها السيارة التي كنت فيها، رميت بنفسي عليها واضعا يدي تحت فكها بسرعة تجنبا لعضتها، ثم قيدت يديها ورجليها بيد واحدة بالشال الذي كنت أرتديه، وحين وصل سموه نزل وسلم عليّ بحرارة، وقال: “مدها يا ابو ركان انا اشهد ما حدا من رباعتي لا من بدو ولا حضر فعل فعلتك انا اشهد انك رجل وقد امرنا لك بـ(مرية) ذهب وشالين من الصوف”. احسست بنشوة عارمة انني اديت مهمة طلبها سموّه ، وانا الذي لم اصد “فرخة” طوال حياتي، وهذا الموقف ظل في ذاكرتي كأنه حصل بالأمس القريب. من بعدها اصبحت في نظر الكثيرين الرجال الشجاع الذي تطلب منه المهمات الصعبة.
سيرة الشيخ زايد في لوحات كبيرة مضاءة
اراد الخالدي الذي يملك 57 الف ساعة تصوير عن الشيخ زايد ان لا يترك هذه الصور أسيرة الجدارن في المبنى المؤلف من 4 طبقات عنده، فأراد تحويلها الى عمل فني نابض بالضوء، ولهذا ابتدع فكرة جميلة جدا وهي تصنيع لوحات كبيرة جدا بحجم تقريبي (118 *225) ذات واجهة زجاجية مضاءة من خلف الصور، وليس من امامها لتكون مخلفة ونابضة اكثر بالحياة، وكل لوحة منها تختصر بصورها العديدة رحلة صيد او زيارة او حدث للراحل.
وقد نفذ الخالدي مجموعة من هذه اللوحات، وشارك فيها في المعارض، وقد وصل خبرها الى الشيخ عبد الله بن زايد، وكان حينها وزير الاعلام والثقافة قبل ان يصبح وزيرا للخارجية، وقد شجع سموه هذا الموضوع، وبدأ الخالدي ينتج لوحاته المميزة التي احتوت حتى الان على حوالي 6000 صورة.
كيف هي العلاقة اليوم مع سمو الشيخ خليفة واخوته الشيوخ بعد رحيل الوالد الكبير؟
اليوم اتابع تعليمات الشيخ زايد وتوجيهاته مع سمو الشيخ خليفة، فهو ما زال معي بشخص ولده، كما انني اشعر بمحبة اولاد الشيخ زايد جميعا من دون استثناء، وكان مؤثرا جدا ما قاله لي الشيخ محمد بن زايد ولي العهد في احدى المناسبات “اشم بك رائحة الوالد”؛ فهذه اعظم من جائزة نوبل بالنسبة الي. وهذا التكريم المعنوي يشعرني انني امام شمس زايد التي لم تغب.